وقال أبو الحسن (١) في سبأ: إن شئت صرفت فجعلته اسم أبيهم، أو اسم الحي، وإن شئت لم تصرف فجعلته اسم القبيلة. قال: والصرف أعجب إليَّ؛ لأني قد عرفت أنه اسم أبيهم، وإن كان اسم الأب يصير كالقبيلة، إلا أني أحمله على الأصل (٢).
وقال غيره: هو اسم رجل، واليمانية كلها تنسب إليه، يقولون: سبأ ابن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان (٣). فبان بما ذكرنا أن إنكار أبي إسحاق على من قال: سبأ: اسم رجل، لا يتوجه.
قال الأزهري: سبأ: اسم رجل ولَدَ عشرة بنين، فسميت القرية باسم أبيهم (٤). وفي هذا بيان أن القرية إن سميت سبأ فهي مسماة باسم رجل، نحو: مدين سميت باسم مدين بن إبراهيم، والعرب قد تكلمت بالإجراء وغير الإجراء في: (سبأ)؛ قال جرير:
الواردون وتيمٌ في ذُرَى سبإٍ (٥)

(١) نص ابن الجوزي ٦/ ١٦٥، على أنه الأخفش. لكني لم أجد هذا القول في كتابه المعاني في هذه السورة، ولا في سورة سبأ.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٨٢، منسوبًا لأبي الحسن. قال الشوكاني ٤/ ١٢٨: أقول: لا شك أن سبأ اسم مدينة باليمن كانت فيها بلقيس، وهو أيضًا اسم رجل من قحطان، وهو: سبأ بن يشجب، بن يعرب، بن قحطان بن هود، ولكن المراد هنا: أن الهدهد جاء إلى سليمان بخبر ما عاينه في مدينة سبأ.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٨٢. ولم يسم القائل. وهذا النسب ذكره النحاس في "إعراب القرآن" ٣/ ٢٠٥.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٣/ ١٠٦ (سبأ)، وصدَّره بـ: قيل، ولم ينسبه.
(٥) أنشده كاملًا الفراء ٢/ ٢٩٠، ولم ينسبه، وعجزه:
قد عض أعناقهم جِلد الجواميس


الصفحة التالية
Icon