قوله:

يا لعنةُ الله والأقوامِ كلِّهم والصالحينَ على سمعانَ مِنْ جَارِ (١)
وكما أن (يا)، هنا لا تكون إلا لغير اللعنة، كأنه قال: يا قوم أو يا هؤلاء، كذلك في الآية يجوز أن يكون المأمورون مرادِين، وحُذفوا من اللفظ، وقد جاء هذا في غير موضع من الشعر، فمِن ذلك ما أنشده أبو زيد:
وقالت ألا يا اسمع نَعِظْكَ بِخُطَّةٍ فقلتُ سمعنا فانطقي وأصيبي (٢)
قال الفراء: من قرأ بالتخفيف فهو على معنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فيُضمر: هؤلاء، ويُكتفى منها بقوله: يا، وأنشد للأخطل:
ألا يا اسلمي يا هندُ هندَ بني بدرِ وإن كان حيَّانا عِدًى آخرَ الدهرِ (٣)
(١) أنشده سيبويه ٢/ ٢١٩، ولم ينسبه، وفي الحاشية: البيت من شواهد سيبويه التي لم يعرف قائلها. والشاهد فيه: حذف المدعو لدلالة حرف النداء عليه، والمعنى: يا قوم، أو يا هؤلاء، لعنة الله على سمعان، ولذا رفع: لعنة، بالابتداء، ولو أوقع النداء عليها لنصبها. وأنشده المبرد، "الكامل" ٣/ ١١٩٩، وأبو علي، "الحجة" ٥/ ٣٨٤، وأبو القاسم الزجاجي، في كتابه: "اشتقاق أسماء الله" ١٦٦، والنحاس، "إعراب القرآن" ٣/ ٢٠٧، والأنباري، "الإنصاف" ١/ ١١٨، ولم ينسبوه. وكذا البغدادي، "الخزانة" ١١/ ١٩٧، وفي الحاشية: البيت مجهول القائل.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٨٣ - ٣٨٥. من قوله: واللام في الوجهين. بتصرف يسير. وذكر البيت من إنشاد أبي زيد، وهو في كتاب النوادر في اللغة ٢٢، منسوبًا للنمر بن تَوْلَب. وأنشده الأنباري، "الإنصاف" ١/ ١٠٢، وفي الحاشية: الخطة: شبه القصة. وأنشده أبو حيان ٧/ ٦٦، بلفظ: بخطبة. وكذا في "الدر المصون" ٨/ ٦٠١.
(٣) أنشده الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٢٩٠، وأبو عبيدة، "مجاز القرآن" ٢/ ٩٤، والزجاج، "معاني القرآن" ٤/ ١١٥، ونسبوه للأخطل. العدى: التباعد، يخاطب صاحبته هندًا ويرجو لها السلامة، وينسبها إلى بني قومها، ويقول: إنه يأمل أن =


الصفحة التالية
Icon