وقال ابن عباس: ﴿مُسْلِمِينَ﴾: طائعين منقادين (١).
وعلى هذا يحل له أخذ مالها بعد إتيانها. قال مقاتل: وكان قد أوحي إلى سليمان أنها تأتي مسلمة، فلذلك قال: ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ (٢). فهذان قولان في سبب طلب العرش.
وقال ابن زيد: أراد سليمان أن يعاتبها بالعرش ويختبر عقلها (٣). ويدل على هذا قوله: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا﴾ ألَّا يتبين.
وقال آخرون: أراد سليمان أن يريها آية معجزة في عرشها ليجعل ذلك حجة عليها، فقال: ﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ أي: طائعين منقادين (٤). كما قال ابن عباس.
٣٩ - قوله تعالى: ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ العفريت: النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء. يقال: رجل عِفْرٌ وعِفْريتٌ، وعِفْرية وعُفارية، بمعنى واحد (٥).

(١) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم، بلفظ: طائعين. كتاب التفسير، "الفتح" ٨/ ٥٠٤. وذكره الثعلبي ٨/ ١٢٩ ب، كذلك. ونسبه الهواري ٣/ ٢٥٤، للكلبي.
(٢) "تفسير مقاتل" ٥٩ ب.
(٣) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١٦٠، وفيه: وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم. وذكره الثعلبي ٨/ ١٢٩ب، عنه بلفظ: أراد أن يختبر عقلها.
(٤) ذكره الثعلبي ٨/ ١٢٩ ب، ولم ينسبه.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٠، بنصه. و"مجاز القرآن" ٢/ ٩٤، بمعناه. وقد قرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي [عِفرية]. قال ابن جني: هو العفريت. "المحتسب" ٢/ ١٤١. قال أبو عبيد: رجك عِفرٌ نِفرٌ، وعِفْرِيةٌ نِفْرِية، وعِفْرِيت نِفْرِيت، وعُفَارية نُفَارية: إذا كات خبثًا ماردا. "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢١١ (نفر).


الصفحة التالية
Icon