وقال الزجاج: معنى ﴿زَوْجٍ﴾ نوع. ومعنى (١) ﴿كَرِيمٍ﴾ محمود فيما يحتاج إليه، والمعنى: من كل زوج نافع لا يقدر على إنباته وإنشائه إلا رب العالمين (٢).
٨ - وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ يعني: ما ذُكر من الإنبات في الأرض ﴿لَآيَةً﴾ لدلالة تدل على أن الله تعالى قادر لا يعجزه شيء. روى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: ﴿لَآيَةً﴾ قال: علامة، كالعلامة تكون بين الرجل وأهله، يقول: هذا خاتمي (٣). يعني: كما يُستدل بالخاتم على ما أُعلم به عليه؛ كذلك بالإنبات من الأرض يُستدل على النشر والإحياء.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [قال الفراء ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾] (٤) في علم الله. يقول: قد سبق في علمي أن أكثرهم لا يؤمنون (٥). وقال أبو إسحاق: أي: قد علم الله عز وجل أن أكثرهم لا يؤمن أبدًا، وهذا إعلام من الله تعالى أن أكثرهم لا يؤمن (٦).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٨٣. قال الماوردي ٤/ ١٦٥: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾ أي: نوع معه قرينه من أبيض وأحمر، وحلو وحامض.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٥١.
(٤) ما بين المعقوفين، في نسخة (ج).
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٨، وفيه: يقول: لهم في القرآن وتنزيله آية، ولكن أكثرهم في علم الله لن يؤمنوا.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٨٤. وذهب مقاتل إلى أن الضمير يرجع إلى كفار مكة، فقال ٤٨ أ: يعني أكثر أهل مكة. وذهب الهواري، في "تفسيره" ٣/ ٢٢٢، إلى العموم، فقال: يعني من مضى من الأمم.