يُفَسَّرُ به ما كان قبله؛ مثل قوله: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾ [عبس: ٢٤، ٢٥] (١). ومن فتح رده على إعراب ما قبله، فتكون (أَنَّا) في موضع رفع بجعلها متابعة للعاقبة (٢)، وإن شئت جعلتها نصبًا من جهتين؛ إحداهما: أن تردها على موضع (كَيْفَ) (٣)، والأخرى: أن تكون خبر (كَانَ) على معنى: كان عاقبة مكرهم تدميرَنا إياهم (٤).
قال أبو علي: من كسر (إِنَّا) فهو استئناف وتفسير للعاقبة، كما أن قوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: ٩] تفسير للوعد (٥)، وتكون: كان، التي بمعنى: وقع (٦)، والمعنى: فانظر على أي حال وقع عاقبة مكرهم؛ أي: أحسنًا وقع عاقبة مكرهم (٧) أم سيئًا، ومن فتح جاز أن يكون: (كَانَ) على ضربيها فإن حملته على: وقع، جاز في (أَنَّا) أمران؛

(١) الشاهد من الآية قراءة الكسر في: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا﴾ قرأ بها ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر. "السبعة في القراءات" ٦٧٢، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٩٨.
(٢) أي: بدل كل، كما سيأتي ذكره عن أبي علي.
(٣) على أن ﴿كَيْفَ﴾ مفعول به.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٩٦، وفيه: والأخرى أن تكُرَّ ﴿كاَنَ﴾.. وفي الحاشية: أي تنوي تكرارها. قال النحاس عن هذا الوجه: وهذا متعسف. ثم ذكر خمسة أوجه في فتح الهمزة. وقال عن الوجه الأول: وهذا لا يحصَّل؛ لأن كيف للاستفهام، و ﴿أَنَاْ﴾ غير داخل في الاستفهام. "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢١٥.
(٥) يعني به المذكور في صدر الآية؛ وهو قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ فجملة ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ جملة تفسيرية للوعد.
(٦) أي: كان التامة، التي لا اسم لها ولا خبر.
(٧) في نسخة: ب: أمرهم.


الصفحة التالية
Icon