ثم قال مستفهمًا منكرًا عليهم: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ أي: هل معه معبود سواه أعانه على صنعه (١) ﴿بَلْ﴾ أي: ليس معه إله ﴿هُمْ قَوْمٌ﴾ يعني: كفار مكة ﴿يَعْدِلُونَ﴾ يشركون به غيره. هذا معنى قول المفسرين (٢). وقال أبو إسحاق: يعدلون عن القصد والحق، أي: يكفرون (٣).
٦١ - وقوله: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا﴾ قال مقاتل: مستقرًا لا تميد بأهلها (٤) ﴿وَجَعَلَ خِلَالَهَا﴾ فيما بينها (٥) ﴿أَنْهَارًا﴾ كقوله: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾ [الكهف ٣٣].
﴿وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾ قال ابن عباس: يريد الجبال الثوابت أَثْبَتَ بها الأرض (٦).
﴿وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا﴾ قال: يريد قضاء من قضائه، وسلطانًا من قدرته، حجز بين العذب والمالح، فلا المالح يغير العذب، ولا العذب يغير المالح. وهذا قول أكثر المفسرين (٧). ومعنى الحجز في اللغة: المنع.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦١ أ، و"تفسير الهواري" ٣/ ٢٦٠. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٣ ب. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٠٨، عن مجاهد.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٨.
(٤) "تفسير مقاتل" ١٦١. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٣ ب، ولم ينسبه.
(٥) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣. وقال الثعلبي ٨/ ١٣٣ ب: وسطها.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٠٩، عن قتادة وذكره الثعلبي ٨/ ١٣٣ ب، ولم ينسبه.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦١ ب. وتفسير الهواري ٣/ ٢٦٠. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٣ ب. وظاهر الآية أنه حاجز بين البحرين؛ ولم يقيد أحدهما بالعذب فيبقى على أصله، ومثله في سورة الرحمن: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾. وهو يختلف عز الحاجز المذكور في سورة الفرقان في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا =