وقرأ ابن كثير: ﴿لَا يَسْمِعُ﴾ بالياء ﴿الصُّمَّ﴾ رفعًا (١)، وقراءة العامة أشبه بما قبله من قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ﴾ ومعنى قراءة ابن كثير: إنهم لا ينقادون للحق لعنادهم، وفرط ذهابهم عنه، كما لا يسمع الأصم ما يُقال له (٢).
ثم ضَرب العُمي أيضًا مثلًا لهم فقال:
٨١ - ﴿وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ﴾ فالعمي: هم، و ﴿ضَلَالَتِهِمْ﴾ كفرهم وجهالتهم. فالمعنى: ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى، وأعمى قلبه عن الإيمان.
وقراءة العامة ﴿بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ على اسم الفاعل مضافًا، واسم الفاعل للحال، أو للآتي، وإذا كان كذلك كانت الإضافة في نية الانفصال (٣)، وقراءة حمزة: ﴿تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ (٤) على الفعل، وحجته قوله: ﴿أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ ومعنى الآية: إنك لا تهديهم لشدة عنادهم، وفَرْط إعراضهم، فإذا كان كذلك كان وجه القراءة: وما أنت تهدي العمي (٥).
قال أحمد بن موسى: وكتب ﴿بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ في هذه السورة بياء، وكتب الذي في الروم بغير ياء (٦).

(١) "السبعة في القراءات" ٤٨٦، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٣، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٩.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٣.
(٣) هكذا: الانفصال. في نسخة: (أ)، (ب)، وهو موافق لما في "الحجة". وفي نسخة: (ج): الاتصال.
(٤) "السبعة في القراءات" ٤٨٦، و"الحجة" ٥/ ٤٠٤، و"النشر" ٢/ ٣٣٩.
(٥) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٤.
(٦) في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ﴾ [الروم: ٥٣]. أحمد بن موسى، =


الصفحة التالية
Icon