٨٧ - وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ (١) قال بعض النحويين: تقديره: واذكر يوم ينفخ في الصور فيفزع (٢). والماضي هاهنا يراد به الاستقبال.
وقال الفراء: جعل: فَعَل، مردودًا على: يَفْعَل؛ لأن المعنى: إذا نفخ في الصور ففزع، ألا ترى أن قولك: أقوم يوم تقوم، كقولك: أقوم إذا تقوم، فأجبْتَ بفَعَل؛ لأن فَعَل ويَفْعَل تصلحان مع: إذا، فإن قلت: إذا قدرت هذا التقدير، فأين جواب إذا؟ قلت: قد يكون في فَعَل مضمر مع الواو، كأنه قيل: وذلك يقع يوم ينفخ في الصور، وإذا نفخ في الصور يعني وقوع القول عليهم، وإن شئت قلت: جوابه متروك كقوله: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: ١٦٥]، وقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ﴾ [سبأ: ٥١] (٣). وهذا كما ذكرنا في قوله: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ الآية [النمل: ٨٣]، قال ابن عباس: يريد النفخة الأولى (٤).
(٢) "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢٢٢.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠١. وذكره ابن جرير ٢٠/ ٢٠، ولم ينسبه.
(٤) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٦ ب، ولم ينسبه، ثم قال: وعلى هذا أكثر المفسرين. ونفخة الفزع هي النفخة الأولى، ثم بعد ذلك نفخة الصعق؛ وهو الموت، ثم بعد ذلك نفخة القيام لرب العالمين؛ فعل هذا هي ثلاث نفخات، ذهب إلى هذا البغوي ٦/ ١٨١، وتبعه على ذلك ابن كثير ٦/ ٢١٦، والصواب -والله تعالى أعلم-. أنهما نفختان؛ الأولى: نفخة الفزع والصعق، والثانية: نفخة القيام لله تعالى، ويشهد =