ودل كلامهم على أن القص: تتبع الأثر مع التعرف؛ كما قال المبرد.
قوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ قال ابن عباس: أبصرته (١).
قال المبرد: بصرت بالشيء، وأبصرته واحد في المعنى (٢). والفصل بينهما مع اجتماعهما في المعنى أن: بصرت به، معناه: صرت بصيرًا بموضعه. وهكذا فعلت، معناه: انتقلت إلى تلك الحال. قوله تعالى: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بعد (٣). وهو مصدر، ثم وصف به. وكذلك قالوا: رجل جنب، ورجال جنب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] وقد مر (٤).
وقال المبرد: وقد يجمع أجنابًا، كما تقول (٥) في شُغل، وهو مصدر مثله: أشغال. قالت الخنساء ترثي (٦):

فابْكي أخاكِ لأيتامٍ وأرملةٍ وابكي أخاكِ إذا جاورتِ أجنابا (٧)
(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، كلاهما بمعناه.
(٢) في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨: هما لغتان. ولم أجد قول المبرد في "التهذيب". وذكر قول المبرد، الشوكاني "فتح القدير" ٤/ ١٥٦.
(٣) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨. وحكاه عنه ابن الأنباري، في كتابه "الزاهر" ١/ ٤٣٠. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٤) قال الواحدي في تفسير الجنب في سورة النساء: الجُنُب نعت على: فُعُل، مثل: أُحُد.. وأصله من الجنابة ضد القرابة، وهو البعد.. ورجل جنب إذا كان غريبًا متباعدًا عن أهله.
(٥) كما تقول: ساقط من نسخة (ج).
(٦) ترثي، في نسخة (ج).
(٧) "ديوان الخنساء" ٧. تخاطب في هذا البيت عينها. واستشهد به المبرد "الكامل" ٢/ ٩٠٤، على أنه يجمع: جُنُب: أجناب.


الصفحة التالية
Icon