تحريم المنع، وليس هناك نهي، ولكنه منع بالتبغيض، كالمنع بالنهي، وهذا كما يقال: حَرَّم فلانٌ على نفسه كذا بالامتناع بالأكل منه كالامتناع بالنهي (١).
قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ قال المفسرون: من قبل أمه، ومن قبل أن تأته أمه، ومن قبل أن نرده على أمه (٢). وذلك أن الله تعالى أراد أن يرده إلى أمه فبغض المراضع إليه حتى يُؤتى بأمه.
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل أن يولد في القضاء والقدر السابق، حرمنا عليه المراضع، وكان تحريم إرضاعهن عليه أن لا يقبل ثدي امرأة. والقول ما قال المفسرون؛ لأن المراضع لو حرمت عليه في القضاء السابق لحرم عليه رضاع أمه أيضًا؛ لعموم اللفظ، ولكن المعنى: حرمنا عليه المراضع قبل إرضاع أمه؛ وذلك أنه إذا رُدَّ إلى أمه فأرضعته يجوز أن يقبل ثدي مرضعة غير الأم.
وقوله: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ قال المفسرون: لما تعذر عليهم رضاعه، ورأت حرصهم على ذلك، قالت: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ أي: يكفلون لكم رضاعه، ويضمنون لكم القيام به (٣).
قال ابن عباس: قالوا لها: مَنْ؟ قالت: أمي، قالوا: ولأمك لبن؟
(٢) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٠. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥، بمعناه.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤١، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩، عن ابن إسحاق. و"غريب القرآن"، لابن قتيبة ٣٢٩، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.