الشيطان؛ هيج غضبي حتى ضربت هذا ﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ﴾ لابن آدم ﴿مُضِلٌّ﴾ له ﴿مُبِينٌ﴾ عداوته. قال المفسرون: لما قتله موسى ندم على القتل، وقال: لم أومر بذلك، فـ: ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (١).
قال أبو إسحاق: هذا يدل على أن قتله كان خطأً، وأنه لم يكن أُمِر موسى بقتل ولا قتال (٢). ثم استغفر الله فقال:
١٦ - ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بقتلي نفسًا لم أومر بقتلها ﴿فَاغْفِرْ لِي﴾ أي: استر علي هذا الذنب ﴿فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٣).
١٧ - ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: مننت عليّ إذ غفرت لي قتل هذه النفس (٤). قال مقاتل: أنعمت علي بالمغفرة (٥)؛ ولا أدري كيف علم موسى أن الله قد غفر له، وكان هذا قبل الوحي (٦)؟. وقوله: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ قال ابن عباس: عونًا للكافرين (٧).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٧.
(٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٧، وأخرج عن قتادة قال: عرف المخرج فقال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ: أنعمت علي بالمغفرة فلم تعاقبني.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٦) قال ابن عطية ١١/ ٢٧٦: ثم قال -عليه السلام- معاهدًا لربه -عز وجل-: رب بنعمتك علي وبسبب إحسانك فأنا ملتزم ألا أكون معينًا للمجرمين. هذا أحسن ما تُؤول. وقال ابن كثير ٦/ ٢٢٥: ﴿بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: بما جعلت لي من الجاه والعزة والمنعة. وعلى هذا لا يرد الاعتراض الذي أورده الواحدي.
(٧) ذكره عن ابن عباس ابن الجوزي، "زاد المسير" ٦/ ٢٠٩، ثم قال بعده: وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرًا. وذكره ابن الأنباري، الأضداد، ٢٢٥، ولم ينسبه.