﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ﴾ يريد: الأشراف، يعني: أشراف قوم فرعون (١) ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ قال أبو عبيدة: يتشاورون فيك ليقتلوك. واحتج بقول ربيعة بن جُعشم النَّمْرِيُّ (٢):
أَحارُ بنَ عمرٍو كأني خَمِر... ويعدو على المرء ما يأتمر (٣)
قال ابن قتيبة: وهذا غلط بَيَّنٌ لمن تدبر، ومضادَّةٌ للمعنى، كيف يعدو على المرء ما شاور فيه، والمشاورة بركة وخير؟ وإنما أراد: يعدو عليه بما يهم به من الشر. قال: وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ أي: يَهِمُّون بك. يدلك على ذلك قول النَّمر بن تَوْلب (٤):
اعْلَمن أن كل مُؤْتَمِر... مُخطئٌ في الرأي أحيانًا (٥)

(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٨.
(٢) في النسخ الثلاث: النميري.
(٣) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ١٠٠. ونسب البيت لربيعة بن جُعشَم النمري. وعنه ابن قتيبة، "غريب القرآن" ٣٣٠، والأزهري، "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٩٤ (أمر). وأنشده البغدادي ١/ ٣٧٤، ونسبه لامرئ القيس، وهو في ديوانه ١١١، قال البغدادي: وأثبت هذه القصيدة له أبو عمرو الشيباني، والمفضل وغيرهما، وزعم الأصمعي في روايته عن أبي عمرو بن العلاء أنها لرجل من أولاد النمر بن قاسط يقال له: ربيعة بن جُعشم. وفيه: أحارُ: مرخم: يا حارث، كأني خمر: الخمار بقية السكر. وهو قول ابن جرير ٢٠/ ٥٢، قال: يتآمرون بقتلك، ويتشاورون، ويرتئون فيك. وذكر هذا القول دون البيت النيسابوري، في "وضح البرهان" ٢/ ١٤٩.
(٤) النمر بن تولب بن زهير، شاعر جواد، كان يسمى: الكيِّس لحُسن شعره، قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسلم. "الإصابة في معرفة الصحابة" ٢٥٣، و"الشعر والشعراء" ١٩٥
(٥) أنشده ونسبه ابن قتيبة، "غريب القرآن" ٣٣٠، وذكر بعده بيتًا آخر، هو:
فإذا لم يصب رشدًا... كان بعضُ اللوم ثُنيانًا
وعن ابن قتيبة ذكره الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٩٤، ولم ينسبه.


الصفحة التالية
Icon