قال محمد بن إسحاق: فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها، فأنكر شأنهما وسألهما، فأخبرتاه الخبر (١)، فقال لإحديهما (٢). اعجلي عليَّ به، فأتته ﴿عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ فقالت: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ﴾ (٣).
٢٥ - وقال مقاتل: فرجعت المرأتان إلى أبيهما؛ فقال: ما أعجلكما اليوم؟ فأخبرتاه، فقال: بئس ما صنعتما لجئتماني به، فرجعت الكبرى إلى موسى لتدعوه، فذلك قوله تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا﴾ يعني: الكبرى ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ (٤) قال عمر رضي الله عنه: مستترة بكم درعها، لم تكن بسَلْفَع من النساء، خَرَّاجةٍ ولَّاجةٍ، قائلة بيدها على وجهها، يعني: واضعة (٥).
قال أبو إسحاق: أي: تمشي مشي من لم تعتد الدخول والخروج، متحفزة مستحيية (٦).
قوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ أي:
(٢) هكذا في نسخة: (أ)، (ب)، وعند الثعلبي ٨/ ١٥٤ أ. وفي نسخة: (ج): لإحداهما.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٦١. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٥٤ أ.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ ب.
(٥) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم: ٣٥٣٠، وقال: على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٦٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٦٥، وصحح إسناده ابن كثير ٦/ ٢٢٨. السَّلْفَع من النساء: البذيئة الفحَّاشة القليلة الحياء، ورجل سلفع: قليل الحياء. والذكر والأنثى فيه سواء؛ يقال: رجل سلفع، وامرأة سلفع. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٩، ٣٣٩ (سلفع).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٠، ومتحفزة: مأخوذ من قول: إذا صلت المرأة فلتحتفز، أي: تتضام وتجتمع. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٧٢ (حفز).