الآية: إنه العضد (١). وقول أبي عبيدة أبين عندنا. قال: وقد جاء الاسم المفرد يراد به التثنية، وأنشد أبو الحسن:

يداكَ يدٌ إحداهما الجودُ كُلُّه وراحتُك الأخرى طِعَانٌ تغامره (٢)
المعنى: يداك يدان؛ بدلالة قوله: إحداهما؛ ولأنك إن جعلت قوله: (يدٌ) مفردًا، بقي لا يتعلق به شيء، ويجوز أن يراد بالإفراد: التثنية، كقوله:
وعَينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ شُقَّتْ مَآقيهما من أُخُر (٣)
فيجوز على هذا القياس في قوله: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ أن يراد بالإفراد: التثنية، كما أريد بالتثنية: الإفراد، في قوله:
(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٨، ولم ينسبه. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٣، ولم ينسبه، ثم قال: ويقال: اليد كلها جناح.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٨، من إنشاد أبي الحسن، والبيت للفرزدق ١/ ٢٧٦، من قصيدة يمدح فيها أسد ابن عبد الله القسري، ورواية الديوان مختلفة:
يداك يد إحداهما النبل والندى وراحتها الأخرى طعان تعاوره
قوله: وراحتك الأخرى: جعل الراحة موضع اليد، والطعان مصدر: طاعن، وليس بجمع طعنة، وتغامره فاعله: الراحة، أي: تغامر الراحةُ الطعانَ، وتكون أنت أيها المخاطب تغامر الطعان. والشاهد فيه: يد، فإنه وإن أفردها لكن المراد بها: التثنية، كأنه قال: يداك يدان إحداهما. "شرح الأبيات المشكلة" لأبي علي ١/ ٢٠٩.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٨، من إنشاد أبي الحسن، ونسبه أبو علي لامرئ القيس، "شرح الأبيات المشكلة" ١/ ٢١١، وحدرة بدرة، أي: مكتنزة صلبة ضخمة، بدرة: يبدو بالنظر، وشقت مآقيهما: تفتحت فكأنها انشقت، وقوله: من أخر، أي: من مآخير العين. "شرح الأبيات المشكلة"، وحاشيته. والبيت في "ديوان امرئ القيس" ١١٦، يصف فرسا. وأنشده البغدادي، "الخزانة" ٥/ ١٩٧، ولم ينسبه.


الصفحة التالية
Icon