وشَدُّ العضد مَثَلٌ في التقوية والإعانة. وذلك أن من قَوّيت عضدَه فقد أعنته.
قوله تعالى: ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾ قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: أي: حجة تدل على النبوة (١).
قال أبو إسحاق: أي حجة نَيَّرة، والسلطان أبين الحجج، ولذلك قيل للزيت: السَّليط؛ لأنه يستضاء به (٢).
وقوله: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ أي: بقتل ولا بسوء ولا أذى؛ وذلك أنهما خافا من فرعون أن يقتلهما، وهو قوله: ﴿إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ [طه: ٤٥] (٣).
وقوله: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ قال المبرد: فيه تقديم وتأخير، المعنى: سلطانًا بآياتنا ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ (٤).
وذكر أبو إسحاق وجهين آخرين؛ أحدهما: أن يكون ﴿بِآيَاتِنَا﴾ من صلة: ﴿يَصِلُونَ﴾ كأنه قال: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ تمتنعان منهم بآياتنا. والثاني: أن يكون ﴿بِآيَاتِنَا﴾ مُبِينًا عن قوله: ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ أي: تغلبون بآياتنا (٥). وهذا معنى قول ابن عباس؛ يريد: قد أعطيتك آياتٍ تقوى بها على جميع الخلق، فلا يَصِل إلى أذاك أحدٌ.

(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٧٦، عن مجاهد، والسدي، و"تفسير مقاتل" ٦٥ ب، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٣، ولم ينسبه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٤.
(٣) استدل بهذه الآية على هذا المعنى مقاتل ٦٥ ب.
(٤) ذكره ابن الجوزي، "زاد المسير" ٦/ ٢٢، ولم ينسبه.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٤، ولم ينسبه.


الصفحة التالية
Icon