وأقيم ﴿يَوْمَ﴾ مقامه، فانتصب انتصاب المفعول به، ويكون ﴿هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ جملة استغني عن حرف العطف فيها بما تضمنت من ذكرهم، كما استغني عنه بذلك في قوله: ﴿ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢] ولو كانت الواو لكان ذلك حسنًا كما قال: ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢] قال: ويجوز أن يكون: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ محمولَّا عَلى موضع: في هذه الحياة الدنيا، كما قال الشاعر:
إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا (١)
ويشهد لهذين الوجهين قوله: ﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: ٢٣] وقوله: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [هود: ٦٠] ويكون قوله: ﴿هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ على ما ذكرنا في الوجه الأول. قال: ويجوز أن يكون العامل فيه: ﴿مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ لأن فيه معنى فعل، وإن كان الظرف متقدمًا، كأنه قيل: ويوم القيامة يقبحون. كما أجاز سيبويه: كل يوم لك ثوب.
٤٣ - وقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ قال مقاتل: يعني قوم نوح وعاد وثمود، وغيرهم، كانوا قبل موسى (٢).

(١) أنشده كاملًا سيبويه ١/ ٦٨، ونسبه لكعب بن جعيل، وصدره:
ألا حيَّ ندماني عمير بن عامر
الندمان، ومثله: النديم: الذي يجالسك ويشاربك، وفي الحاشية: شاهده عطف: غدًا، على محل: اليوم، ؛ لأنه مسبوق بمن الزائدة. وأنشده المبرد "المقتضب" ٤/ ١١٢، وابن جني "المحتسب" ٢/ ٣٦٢، ولم ينسباه. وهو في "الإنصاف" ١/ ٣٣٥، غير منسوب، قال: فنصب: غدًا، حملًا على موضع: من اليوم، وموضعها نصب.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٦ أ.


الصفحة التالية
Icon