وتحويله عنها، فإنه قال: نَصبُكَ المعيشةَ، كقوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠] وكنَصْب قوله: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] ﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ [هود: ٧٧] وقد مر (١).
وقال الزجاج: نُصب ﴿مَعِيشَتَهَا﴾ بإسقاط في، وأُعملَ الفعلُ، وتأويله: بطرت في معيشتها (٢).
وهذا هو الوجه؛ لأن المعيشة لا تبطر، حتى يقال: كان الفعل لها، فنقل عنها: إنما يُبطر فيها (٣).
قال ابن عباس: حملهم البطر والأشر.
وقال مقاتل: بطروا وأشروا، وتقلبوا في رزق الله، فلم يشكروا نعمه (٤).
وقال عطاء: عاشوا في البطر، فأكلوا رزق الله، وعبدوا الأصنام (٥).
قوله تعالى: ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ قال مقاتل: لم تسكن بعد هلاك أهلها إلا قليلاً من المساكن، فقد سكن في
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٠.
(٣) وهذا قول الثعلبي ٨/ ١٥٠ أ: أي: أشرف وطغت وكفرت بربها، وجعل الفعل للقرية، وهو في الأصل للأهل.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٧ ب.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٥٠ أ، عن عطاء بن أبي رباح.