ابن عباس: ليثقلهم (١). وعلى هذا الباء في: ﴿بِالْعُصْبَةِ﴾ للتعدية. وشرح ذلك الفراء والمبرد؛ قال الفراء: نوؤها بالعصبة أن تثقلهم. والمعنى: ﴿إِنَّ مَفَاتِحَهُ﴾ تَنيءُ العصبةَ، أي: تميلهم من ثقلها، فإذا أدخلت الباء قلت: تنوء بهم، كما قال الله تعالى: ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: ٩٦] والمعنى: ائتوني بقِطْر، فإذا حذفت الباء زدت على الفعل ألفا من أوله (٢).
وقال المبرد: مجازه في الحقيقة: ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ أي: تجعل العصبة تنوء؛ وهذا كقولك: قم بنا، أي: اجعلنا نقوم، واعدل بنا إلى فلان، وهذا محض كلام العرب. وأنشد لقيس بن الخطيم:

ديارَ التي كادت ونحن على مِنًى تَحُلُّ بنا لولا نَجاءُ الرَّكائبِ (٣)
أي: تجعلنا نحلها (٤). ونحو هذا قال أبو إسحاق: ﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ لتثقل العصبة (٥).
وقال أبو عبيدة ومن وافقه: هذا مقلوب، إنما العصبة تنوء بالمفاتيح (٦)، وهذا قول الأخفش، وأنشد:
(١) ذكره البخاري عنه، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٠.
(٣) أنشده ونسبه المبرد، "الكامل" ٢/ ٨١٣. وهو في ديوان قيس بن الخطيم ٧٧، وفي الحاشية: يقول: أنا نظرنا إليها ونحن سائرون، فلولا أن الإبل -لَمَّا شُغلنا بالنظر إليها- سارت ونحن لا نعلم لكنا قد نزلنا.
(٤) "الكامل" للمبرد ١/ ٤٧٥، ولفظه: العصبة تنوء بالمفاتيح، أي: تستقل بها في ثقل. وليس فيه إنشاد البيت.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٥.
(٦) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ١١٠. وذكره عنه الأنباري، في "الزاهر في معاني كلمات الناس" ١/ ٤٦٣، ولم يعلق عليه.


الصفحة التالية
Icon