فقال موسى حسن توعده بالسجن:
٣٠ - ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ﴾ يعني: أتسجنني ولو جئتك بشيء مبين (١).
قال محمد بن إسحاق: أي بأمر تعرف فيه صدقي وكذبك، وحقي وباطلك (٢).
وهذه الآيات من هنا [٣١ - ٣٢] مفسرة في سورة الأعراف، إلى قوله:
٣٨ - ﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ قال مقاتل: يعني

= سجن أحداً طرحه في مكان وحده فرداً، لا يسمع فيه شيئاً، ولا ينظر فيه شيئاً، يهوله به. وهو كذلك عند البغوي ٦/ ١١١، منسوبًا للكلبي. ونسبه السمرقندي ٢/ ٤٧٢، لابن عباس.
(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٠٩ ب، بمعناه.
(٢) "تاريخ ابن جرير" ١/ ٤٠٦، بسنده عن محمد بن إسحاق. وأخرجه عنه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٥٧. والآية دليل ظاهر على اعتبار المعجزات من أدلة النبوة، لكن ليست هي الدليل الوحيد، بدليع قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [هود: ٥٣] فلم يذكر لهم نبي الله هود عليه السلام معجزة وإنما تحداهم بقوله: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾ [هود: ٥٤، ٥٥].
وانظر: "شرح العقيدة الواسطية" ١٥٠. تخريج: الألباني.
وقد أساء الزمخشري ٣/ ٣٠٠، في تعليقه على قوله تعالى: ﴿فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ بتعريضه تفضيل فرعون على أهل السنة بسبب قولهم: إن المجزات دليل صحيح على النبوة، لكن الدليل غير محصور في المعجزات، وقد أجاد ابن المنير رحمه الله تعالى في الرد عليه، "الانتصاف بحاشية الكشاف" ٣/ ٣٠٠.


الصفحة التالية
Icon