وقال المبرد: ﴿اتَّبِعُوا﴾ أمر ﴿وَلْنَحْمِلْ﴾ معطوف عليه، وإنما أمروهم ثم عادوا فأمروا أنفسهم، ولا تحذف اللام إلا من الأمر المواجهة وما سوى ذلك فلابد من اللام، تقول: قم وليقم زيد (١). وهذا وجه غير ما ذكره الفراء والزجاج؛ وهو أحسن.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ معناه: من شيء يخفف عن المحمول عنه العذاب (٢) ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد: إنهم ليعدونهم الباطل.
١٣ - ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ قال مقاتل: أوزارهم التي عملوها ﴿وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ وأوزارهم لقولهم للمؤمنين: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا﴾ (٣)، وهذا كقوله: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: ٢٥] قاله مقاتل وابن عباس ومجاهد (٤).
قال قتادة في هذه الآية: من دعا قومًا إلى ضلالة فعليه مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا (٥)؛ وهو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم

(١) أراد المبرد بقوله: الأمر المواجهة: صيغة الأمر الصريحة الأصلية التي يلزم منها حضور المأمور الموجه إليه الخطاب، كقولك: قم يا زيد، فإن كان الأمر بغيرها كالأمر بالمضارع لزم دخول اللام الدالة على الأمر كقولك: ليقم زيد. والله أعلم.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٦٢، بنصه.
(٣) "تفسير مقاتل" ٧١ ب.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١٣٥، عن ابن زيد، وفيه ذكر آية النحل. وذكره مقاتل ٧١ ب، دون ذكر آية النحل.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٦، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٤٠. وذكره ابن قتيبة، "غريب القرآن" (٣٣٧).


الصفحة التالية
Icon