وبدأ خلقها يُنشؤها نشأة ثانية (١). وأكثر القراء. ﴿النَّشْأَةَ﴾ بالقصر. وقرأ أبو عمرو بالمد (٢)، والأحسن القصر؛ يقال: نَشَأَ ينشأ نَشئًا ونشأة، ولم يذكر أبو زبد وأبو عبيدة المد (٣)، وذكره الفراء؛ فقال: هو كما تقول العرب: الرأفة والرآفة، والكأْبة والكآبة، كلٌ صواب (٤).
٢٢ - وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ اختلفوا في تقدير الآية على وجهين، فقال الفراء: يقول القائل: كيف وَصَفهم بأنهم لا يُعجزون في الأرض ولا في السماء، وليسوا من أهل السماء فالمعنى والله أعلم: ما أنتم (٥) بمعجزين في الأرض، ولا مَنْ في السماء بمعجز، وهو من غامض العربية؛ للضمير الذي لم يظهر في الثاني، ومنه قول حسان:

أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحُهُ وينصرُه سواءُ (٦)
أراد: ومن يمدحه ومن ينصرهُ فأضمر.
ومثله في الكلام: أكرم من أتاك، وأتى أباك؛ يعني: وأكرم مَنْ أتى
(١) "تفسير مقاتل" ٧٢ أ، بمعناه.
(٢) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: [النَّشَاءَةَ] ممدودة في كل القرآن، وقرأ الباقون بالقصر. "السبعة في القراءات" ٤٩٨، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٢٧، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ٢/ ١٨٣، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٣.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٢٧، بتصرف.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٥.
(٥) أنتم، غير موجودة في نسخة: (أ)، (ب).
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٥. ونسب البيت لحسان، وعن الفراء أنشده ابن جرير ٢٠/ ١٤٠. وهو في "ديوانه" ٩، من قصيدة له في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم-، قبل فتح مكة. بلفظ: فمن يهجو.


الصفحة التالية
Icon