فتصير (مَّوَدَّةُ): خبر إن، وتجعل المودة: ما اتخذوا على الاتساع؛ لأنها كانت سبب مودتهم، أو يقدر المضاف على تقدير: إن الذين اتخذتموهم أوثانًا ذوو مودةِ بينكم.
الوجه الثاني: أن يضمر: هو، ويجعل: ﴿مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ خبرًا عنه، والجملة في خبر إن. هذا قول أبي علي (١)، وذكر الزجاج هذين الوجهين؛ فقال: من رفع (مَّوَدَّةُ) فمن وجهين؛ أحدهما: أن تكون: (مَا) في معنى: الذي، ويكون المعنى: إن ما اتخذتموه من دون الله أوثانًا مودةُ بينكم، فتكون (مَّوَدَّةُ): خبر إن، قال: ويجوز أن ترفع (مَّوَدَّةُ) على إضمار: هي، كأنه قال: تلك مودةُ بينكم في الحياة الدنيا، أي: أُلْفَتُكم واجتماعكم على الأصنام مودةُ بينكم في الحياة الدنيا (٢).
الوجه الثالث: ذكره الفراء؛ فقال: من رفع فإنما يرفع بالصفة بقوله: ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وينقطع الكلام عند قوله: (أَوْثَانًا) (٣). وعلى هذا: (مَّوَدَّةُ) رُفع بالابتداء، وخبره: (في) الظرف، والمعنى: إنما مودةُ ما بينكم في الحياة الدنيا ثم تنقطع (٤).
قال أبو علي: وإضافة المودة إلى بينكم اتساع في الظرف؛ لأنه جعل اسمًا بالإضافة إليه، ومثل ذلك: قراءة من قرأ: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] (٥) قال الشاعر:

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٢٨.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٦٧.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٦.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٦، من قوله: إنما مودة بينكم.
(٥) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٢٩. قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر =


الصفحة التالية
Icon