قال أبو علي: و (مَا) استفهام، وموضعها نصب بـ (تَدْعُونَ) ولا يجوز أن يكون نصبًا بـ (يَعْلَمُ) ولكن الجملة التي هي منها في موضع نصب بـ (يَعْلَمُ) والتقدير: إن الله يعلم أَوَثَنًا تدعون من دونه أو غيره، أي: لا يخفى ذلك عليه فيؤاخذكم بكفركم ويعاقبكم عليه، ولدل على أن (مَا) استفهام: دخول (مِنْ) في الكلام، وإنما هي تدخل في نحو قولك: هل من طعام؟ وهل من رجل؟ ولا تدخل في الإيجاب، وهذا قول الخليل (١)، وكذلك قوله: ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ [الأنعام: ١٣٥] والمعنى: فستعلمون المسلم تكون له عاقبة الدار أم الكافر، وكل ما كان من هذا، فهكذا القول فيه، وهو (٢) قياس قول الخليل (٣).
قوله: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ قال مقاتل: يعني من الأصنام (٤) ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ المنيع القادر ﴿الْحَكِيمُ﴾ في خلقه.
٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ﴾ يعني أمثال القرآن، وهي التي شبه بها أحوال كفار هذه الأمم المتقدمة يبينها للناس ﴿نَضْرِبُهَا﴾ لكفار مكة. قاله مقاتل (٥). وقال الكلبي: للناس عامة (٦).
﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ قال مقاتل: يقول: وما يعقل الأمثال إلا العلماء الذين يعقلون عن الله الأمثال (٧).

(١) "الكتاب" ٣/ ١٤٨، قال: فما هاهنا بمنزلة: أيهم.
(٢) وهو غير موجودة في نسخة: (أ)، (ب).
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٣٤.
(٤) و (٥) "تفسير مقاتل" ٧٣ ب.
(٦) هذا القول أعم ويدخل فيه أهل مكة دخولًا أوليا.
(٧) "تفسير مقاتل" ٧٣ ب.


الصفحة التالية
Icon