من الأنصار على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الخمس، ثم لا يدع شيئًا من الفواحش إلا رَكِبَه فوُصِف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حالُه؛ فقال: "إن صلاته تنهاه يومًا ما" فلم يلبث أن تاب وحسن حاله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أقل لكم: إن صلاته تنهاه" (١).
وروى السدي عن أصحابه في قوله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ قال: الرجل يصلي الصلاة فيحسنها ثم يهم أن يعمل الخطيئة فيذكر صلاته، فيقول: لا أفسد صلاتي.
وفي الآية قول ثانٍ؛ قال مقاتل: إن الإنسان ما دام يصلي لله فقد انتهى عن الفحشاء والمنكر، لا يعمل بهما ما دام يصلي حتى ينصرف (٢). وهو قول الكلبي وابن عون (٣)؛ قالا: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ما كان فيها (٤)؛ لأنه إن فعل شيئًا من هذين بطلت صلاته. واختار ابن قتيبة

(١) ذكره الثعلبي ٨/ ١٦٠ أ، بنصه، عن أنس بن مالك، يرفعه. قال عنه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ٣/ ٤٦: غريب. وأما ابن حجر فقال: لم أجده. "الكافي الشاف" ٣/ ٤٤٣، بحاشية الكشاف. لكن يشهد لمعنى هذا الحديث حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قيل له: إن فلانًا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق! قال: "سينهاه ما تقول، أو قال: ستمنعه صلاته". أخرجه الإمام أحمد ١٥/ ٤٨٣، رقم (٩٧٧٨)، ط: الرسالة، وقال محققو المسند: إسناده صحيح. وأخرجه أيضًا ابن الجعد في "مسنده" (٣٠٦)، رقم (٢٠٦٩)، بلفظ: ستنهاه قراءته. وأخرجه ابن حبان، "الإحسان" ٦/ ٣٠٠، رقم الحديث (٢٥٦٠). وصحح إسناده الألباني، "سلسله الأحاديث الضعيفة" ١/ ١٦، عند كلامه على الحديث رقم (٢).
(٢) "تفسير مقاتل" ٧٣ ب.
(٣) "تفسير مقاتل" ٧٣ ب.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٧، عن الكلبي. و"تنوير المقباس" ٣٣٦. وأخرجه ابن =


الصفحة التالية
Icon