وقال سعيد بن جبير: من أُمر بمعصية فليهربْ، وتلا هذه الآية (١). وروى إسماعيل بن أبي خالد عنه في هذه الآية قال: إذا عُمل في أرضٍ بالمعاصي، فأخرجوا منها (٢).
وقوله: ﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ قال الزجاج: (إياي) منصوب بفعل مضمر، الذي ظهر يُفسره؛ المعنى: فاعبدوا إياي فاعبدون، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني، ولو قلت: إياي فاعبدوا، كان إياي منصوبًا بما بعد الفاء، ولا يحتاج إلى إضمار فعل، ودخول الفاء لمعنى الشرط، بتقدير: إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوا، فإن أرضي واسعة (٣).
قال مقاتل: ثم خوفهم بالموت ليهاجروا، فقال:
٥٧ - ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (٤) والمعنى لابد من الموت، وكل أحد ميت أينما كان، فلا تقيموا بدار الشرك خوفًا من الموت (٥).

(١) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧٥، وفيه: ثم قرأ: ﴿قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧]. وذكره الثعلبي ٨/ ١٦٢ ب.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٩، من طريق إسماعيل بن أبي خالد. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٩، عن مالك بن مغول، عن الربيع بن أبي راشد، عن سعيد بن جبير، بلفظ: هو الرجل يكون بين ظهراني قوم يعملون بالمعاصي.
- إسماعيل بن أبي خالد، الأحمسي مولاهم، البَجَلي، اسم أبيه: هرمز، وقيل: سعد، وقيل: كثير. محدث الكوفة في زمانه مع الأعمش. روى عن عبد الله بن أوفى، وأبي جحيفة، وغيرهم، وروى عنه شعبة، وسفيان، وشريك، وغيرهم. ثقة ثبت، "سير أعلام النبلاء" ٦/ ١٧٦، و"تقريب التهذيب" ١٣٨.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٧٢، بتصرف.
(٤) "تفسير مقاتل" ٧٥ أ.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦٢ ب.


الصفحة التالية
Icon