واختلف القراء في إخفاء النون وتبيينه من: سم (١). والوجه التبيين؛ لأن حروف الهجاء في تقدير الانفصال والانقطاع مما بعدها، وإذا كان كذلك وجب التبيين؛ لأنها إنما تخفى إذا اتصلت بحرف من حروف الفم، فإذا لم تتصل بها لم يكن شيء يوجب إخفاءها (٢).
ووجه إخفائها: أن همزة الوصل قد وصلت، ولم تقطع مع هذه الحروف، وهمزة الوصل إنما تذهب في الدَّرْج، فكما سقطت همزة الوصل في ﴿الم﴾ وهي لا تسقط إلا مع الدَّرْج، كذلك لا تُبين النون ويقدر فيها الاتصال بما قبلها ولا يقدر فيها الانفصال (٣).
٢ - وقوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ تفسيره قد تقدم في قوله:

= وقد ذكر الماوردي ٤/ ١٦٤، عن من لم يسمه من أهل الخواطر آراءً غريبة في بيان معاني هذه الأحرف. ونحو ذلك ذكر الرازي ٢٤/ ١١٨. وقد أطال في ذكرها البرسوي، في تفسيره ٦/ ٢٥٨. قال أبو حيان ٧/ ٥: "وتكلموا على هذه الحروف بما يشبه اللغز، والأحاجي فتركت نقله إذ لا دليل على شيء مما قالوه". وهذا موقف حسن؛ والأقرب أن هذه الحروف ابتدأ بها للدلالة على الإعجاز والتحدي، وأن هذا القرآن مكون من هذه الحروف التي تنطقونها وتتكلمون بها، فهي لا تدل على معنى في أصل وضعها. راجع "تفسير ابن كثير" ١/ ١٥٦ - ١٦٢.
(١) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (طَسم) بفتح الطاء، وإدغام النون، ولم يظهر النون في (طسم) غير حمزة، من السبعة، وشاركه في ذلك أبو جعفر. "السبعة في القراءات" ٤٧٠، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٥، وابن خالويه، في "إعراب القراءات السبع وعللها" ٢/ ١٣٠. والأزهري، في معاني القراءات ٢/ ٢٢٣، ثم قال: "وإدغام النون في الميم حسن، لقرب مخرجيهما، ومن اختار التبيين حسن". و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ١٩.
(٢) في (أ)، (ب): إخفاء هذا.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٦، بنصه.


الصفحة التالية
Icon