الآية تنزل الوحي والقضاء مع جبريل من السماء إلى الأرض، ثم يصعد جبريل إلى السماء في يوم واحد من أيام الدنيا -وقدره مسيرة ألف سنة- خمسمائة نزول وخمسمائة صعودة لأنه ينزل مسيرة خمسمائة عام ويصعد مثله، فذلك ألف سنة، كل ذلك في يوم واحد من أيام الدنيا. وهذا قول مقاتل والسدى وقتادة (١).
وذكره مقاتل فقال: يقضي الأمر في السماء وينزله مع الملائكة إلى الأرض، فيوقفه ثم يصعد إلى السماء، فيكون نزولها به ورجوعها في يوم واحد مقداره ألف سنة مما تعدون، يريد مقدار المسير فيه على قدر مسيرنا وعددنا ألف سنة؛ لأن بعد ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام لابن آدم، إذا (٢) قطعته الملائكة بادية وعائدة في يوم واحد فقد قطعت مسيرة ألف سنة في يوم.
فعلى القول الأول (يعرج) خبر (الأمر)، والهاء في إليه كناية عن الله، والمراد باليوم يوم القيامة.
وعلى القول الثاني (يعرج) خبر عن الملك ولم يجر له ذكر، والهاء في (إليه) كناية عن السماء على لغة من يذكِّرُه.
وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ﴾ أي مقدار المسير فيه، يعني مسير الملك، والأول أليق بظاهر اللفظ، وهذه الآية مما ترك ابن عباس الكلام فيه، فقد روي أن عبد الله بن فيروز سأله عن هذه الآية وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال ابن عباس: أيامًا سماها الله، وما أدر ما هي،

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٤ ب، "تفسير الطبري" ٢١/ ٩١، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٥٣، "مجمع البيان" ٨/ ٥١٠.
(٢) في (ب): (إذ)، وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon