العلم، قال: فلان يحسن كذا، إذا كان يعلمه.
وقال صاحب "النظم": معنى الخلق التقدير، ومعنى ذلك أنه -عز وجل- لما طول رجل البهيمة، والطائر طول عنقه؛ لئلا يتعذر عليه ما لا بد به من قوته، [ولو] (١) تفاوت ذلك لم يكن له معاش، وكذلك كل شيء من أعضاء الحيوان مقدر لما يصلح له معاشه. وقال أبو إسحاق: تأويل الإحسان في هذا أنه خلقه على إرادته، فخلق الإنسان في أحسن تقويم، وخلق القرد على ما أحب، وخلقه إياه على ذلك من أبلغ الحكمة (٢).
الوجه الثاني في هذه القراءة: أن قوله: ﴿خَلَقَهُ﴾ وإنتصب على المصدر الذي دل عليه أحسن، والمعنى الذي خلق كل خلقه. قاله الزجاج (٣).
وشرحه أبو علي فقال: خلقه ينتصب على أنه مصدر دل عليه ما تقدم من قوله: ﴿أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾؛ لأن قوله أحسن كل شيء [يدل على خلقه كل شيء] (٤) (٥). والضمير في خلقه كناية عن اسم الله تعالى، والذي يدل على ذلك أنه مصدر لم يسند الفعل المنتصب عنه إلى فاعل ظاهر، وما كان من هذا النحو أضيف المصدر فيه إلى الفاعل نحو: صنع الله. ووعد الله، وكتاب الله، فكما أضيف هذه المصادر إلى الفاعل كذلك يكون خلقه

(١) في جميع النسخ: (وهو)، وهذا خطأ. والتصويب من "الوسيط" للمؤلف ٣/ ٤٥٠.
(٢) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٠٤.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٠٤. قال الزجاج: (الذي خلق كل شيء خلقه)، فكلمة شيء ساقطة.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) "الحجة" ٥/ ٤٦١.


الصفحة التالية
Icon