عباس ومقاتل: رشدها وبيانها (١). وهذا كقوله ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [الأنعام: ٣٥]. ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد هذا قضائي وقدري في ملكي وربوبيتي (٢).
وقال مقاتل: يعني من كفار الإنس والجن جميعًا (٣). والقول الذي وجب من الله، قوله لإبليس يوم عصاه: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٥] والآية صريح (٤) في تكذيب القدرية (٥)؛ لأن الله تعالى قد أخبر بهذه الآية أن من لم يؤمن فإنما ذلك لأنه لم يشأ أن يؤتيه هداه.
١٤ - وقوله: ﴿فَذُوقُوا﴾ قال مقاتل: إذا دخلوا النار، قالت لهم الخزنة: فذوقوا العذاب (٦). ويجوز أن يكون المعنى: ويقال لهم: فذوقوا، فيكون القائل هو الله تعالى.
قال أبو علي: المعنى فذوقوا العذاب بما نسيتم، فحذف واستغني
(٢) "الوسيط" ٣/ ٤٥١.
(٣) "تفسير مقاتل" ٨٤ ب.
(٤) هكذا في النسخ، وهو خطأ. والصواب: صريحة.
(٥) القدرية: فرقة سموا بذلك لقولهم في القدر، فهم يزعمون أن العبد يخلق أفعال نفسه استقلالاً، فأثبتوا -بسبب قولهم- خالقًا مع الله، ولذا فهم مجوس هذه الأمة كما سماهم بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لأن لمجوس يثبتون خالقين: خالقًا للنور وخالقًا للظلمة، وهم ينفون العلم السابق والمشيئة السابقة.
انظر "الملل والنحل" للشهرستاني بهامش "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ١/ ٦٥.
(٦) "تفسير مقاتل" ٨٤ ب.