قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ قال المفسرون: أي إذا حكم بشيء نفذ (١) حكمه، ووجبت طاعته عليهم (٢). وهذا معنى قول ابن عباس وعطاء: إذا دعاهم النبي -عليه السلام- إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي أولى بهم من طاعة (٣) أنفسهم (٤). ونحو هذا قال ابن زيد: أي ما قضى فيهم من أمر جاز كما أن كل ما قضيت على عبدك جاز (٥). وعلى هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسهما، وله أن يتصرف في كل حق من حقوق المؤمنين وينفذ ذلك التصرف شاءوا أو أبوا، حتى لو زوج امرأة استغنى عن رضاها ورضا أوليائها؛ لأنه أحق بها منها بنفسها؛ لقوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾، وروى ابن جريج عن مجاهد في تفسير قوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ قال: هو أبو المؤمن (٦). وهذا راجع إلى ما ذكرنا، يعني أنه كالأب للمؤمنين في وجوب طاعته وترك المخالفة عليه. ويؤكد هذا التفسير أن في مصحف أبي: "النبي عليه السلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم" (٧).

(١) في (ب): (فقد)
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٨٣ ب، "تفسير الطبري" ٢١/ ١٢٢، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٢٤.
(٣) في (ب): (طاعتهم أنفسهم).
(٤) المراجع السابقة.
(٥) "تفسير الطبري" ٢١/ ١٢٢، "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٨٣ ب.
(٦) "تفسير الطبري" ٢١/ ١٢٢. وذكره الماوردي ٤/ ٣٧٣، وقال: حكاه النقاش، "تفسير مجاهد" ص ٤١٥.
(٧) انظر: "تفسير السمرقندي" ٣/ ٣٨، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٠٨.


الصفحة التالية
Icon