تبليغهم، وتأويل مسألة الرسل -والله يعلم أنهم صادقين- التبكيت للذين كفروا بهم، كما قال -عز وجل-: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾ [المائدة: ١١٦] الآية (١).
واللام من قوله: ﴿لِيَسْأَلَ﴾ متعلقة بالأخذ المذكور قبلها، والتقدير: وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا لنسألهم عن تبليغ ما حملناهم من أداء الرسالة، وإنما قال: ليسأل بالياء؛ لكون الخطاب كما يرجع من المخاطبة إلى الكناية، وتم الكلام عند قوله: ﴿صِدْقِهِمْ﴾، ثم أخبر عما أعد للكفار فقال: ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ﴾. قال الزجاج: أي للكافرين بالرسل (٢). ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
٩ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾. قال مقاتل وغيره من المفسرين: إن أبا سفيان بن حرب ومن معه من المشركين واليهود من قريظة والنضير تحزبوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيام (٣) الخندق، فبعث الله عليهم بالليل ريحًا باردة وبعث الملائكة، فقلعت الريح الأوتاد وأطفأت النيران، وجالت الخيل بعضها في بعض، وكبرت الملائكة في جانب عسكرهم، فانهزم المشركون من غير قتال، فأنزل الله يذكرهم إنعامه عليهم في الرفع عنهم، وهو قوله: ﴿ذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ (٤). قال مجاهد والمفسرون: هم الأحزاب عيينة بن بدر وأبو سفيان وقريظة (٥).
قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾. قال مجاهد: هي الصبا، أرسلت

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢١٧.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢١٧.
(٣) في (ب): (يوم).
(٤) "تفسير مقاتل" ٨٨ أ، "تفسير الطبري" ٢١/ ١٢٧، "الدر المنثور" ٦/ ٥٧١.
(٥) "تفسير الطبري" ٢١/ ١٢٨، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٧٨، "الدر المنثور" ٦/ ٥٧٣ كلهم عن مجاهد، وزاد السيوطي حيث عزاه للفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في "العظمة" والبيهقي.


الصفحة التالية
Icon