في ناصية منها، وأنشد لحسان مما قاله في الجاهلية (١):

سأهدي لها في كل عام قصيدة وأقعد مكفيا بيثرب مكرما
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يقال للمدينة: يثرب، وسماها طيبة (٢) كأنه كره ذكر الثرب؛ لأنه فساد في كلام العرب، يقال: شرب وأثرب وثرب إذا وسخ وأفسد (٣). ذكرنا ذلك في قوله ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ [يوسف: ٩٢].
قوله: ﴿لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾. قال أبو إسحاق: لا مكان لكم تقيمون فيه (٤). والمقام اسم الموضع، يقال: مقام إبراهيم، ومنه قيل للمجلس والمشهد: مقام ومقامة. قال الله تعالى: ﴿وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء ٥٨، الدخان: ٢٦]. قال الشاعر:
فأيي ما وأيك (٥) كان شرًّا فقيد إلى المقامة لا يراها (٦)
ودخلت التاء كما دخلت على المنزلة والمقامة، والمقامة موضع ثواء ولبث.
(١) البيت من الطويل، وهو لحسان في "ديوانه" ص ٣٦٩. "مجاز القرآن" ٢/ ١٣٤.
(٢) أخرج الإمام أحمد في "مسنده" ٤/ ٢٨٥ عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة هي طابة" وذكره ابن كثير في "التفسير" ٥/ ٣٤٣، وقال: تفرد به الإمام أحمد، وهو ضعيف.
(٣) نظر: "اللسان" ١/ ٢٣٤ (ثرب).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢١٩.
(٥) في (ب): (ما واك).
(٦) البيت من الوافر، وهو للعباس بن مرداس في "ديوانه" ص ١٤٨، "خزانة الأدب" ٤/ ٣٦٧، "الكتاب" ٢/ ٤٠٢، "لسان العرب" ١٢/ ٥٠٦، "الحجة" ٥/ ٤٧١.
المقامة: بالضمة المجلس وجماعة الناس، والمراد: أعماه الله حتى صار يقاد إلى مجلسه.


الصفحة التالية
Icon