معونتهم على المسلمين وإتيانهم العدو ناصرين (١). فأتوها بالقصر أشد إبانة للمعنى المراد بهذه الآية، فالمعنى قريب من قوله: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾ أي: في نصرتهم وهذا مثل قوله: ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا﴾ لأن في الموضعين دلالة على المعونة على المسلمين وعلى أنهم غير مسافلين (٢).
وقوله: ﴿نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ يقرب من قوله: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ لآية، إلا أنهم في هذه الآية كأنهم أشد يأسًا من (٣) النصرة لقطعهم على أن ما وعد الله والرسول به غرور، ويجتمعان في الإخبار عنهم بأن قلوبهم لم تثلج بالإيمان ولم تسكن إلى قول الرسول والإيمان والقرآن وما اجترءوا (٤) به من الظفر ووعدوا به من الفتح والنصر في قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣، الفتح: ٢٨، الصف: ٩]) (٥)، وقوله: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: ٥٦]، وقوله: ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ أي: تلبثوا بدورهم إلا زمانًا قليلًا حتى يأتوا العدو ناصرين لهم عليكم، ويجوز أن يكون المعنى: لو أتوا العدو ناصرين لهم ومظهرين ما هم مبطنون لاستؤصلوا بالسيوف ويغلبوا كما غلب العدو، ونزل بهم من العذاب ما يهلكهم إذا باينوكم في الدار. ثم ذكرهم الله تعالى عهدهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالثبات في المواطن فقال:
(٢) هكذا في النسخ! وهو خطأ، والصواب: متثاقلين.
(٣) هكذا هي في جميع النسخ! وفي "المسائل الحلبيات" في.
(٤) هكذا في جميع النسخ! وفي "المسائل الحلبيات": (ما أخبروا به)، وهو الصواب.
(٥) "المسائل الحلبيات" ص ٣٦٠ - ٣٦٢ مع اختلاف يسير في العبارة.