١٥ - ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل الخندق أن لا ينهزموا ولا يولون العدو ظهورهم. وقوله: ﴿لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾ أراد عاهدوا أن لا يولون فلما حذف (أن) عاد الفعل إلى الرفع كقول طرفة:
ألا أيُّهذا الزاجري أحضر الوغا (١)
البيت.
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ أي عنه، فحذف للعلم به، كقوله في سورة بني إسرائيل: ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٤]، وقد مر.
وقال صاحب "النظم": معنى مسئولًا هاهنا مطلوبًا بمعنى مطالبًا به ممن صنعه، كما تقول: أسألك حقي أي: أطالبك حقي، أخبر الله تعالى أنهم يسألون في الآخرة عن عهدهم.
١٦ - ثم أخبر أنهم إن جبنوا عن العرب وخذلوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حرصًا على الحياة، وخوفًا من الموت لم ينفعهم ذلك، فقال قوله: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ﴾ قال ابن عباس: لأن المراد إذا حضر أجله مات أو قتل (٢).
قوله تعالى: ﴿وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ أي: لا يمتعون في الدنيا بعد
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي.
وهو لطرفة في "ديوانه" ص ٣٢، "خزانة الأدب" ١/ ١١٩، "الإنصاف" ٢/ ٥٦٠، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٨٥.
والشاهد فيه: قوله: أحضر، حيث روي بالرفع على حذف أن الناصبة وارتفاع الفعل بعدها، وروي بالنصب بإضمار أن.
(٢) انظر: "الوسيط" ٣/ ٤٦٣، ولم أجد من نسب هذا القول لابن عباس غير الواحدي.