قال ابن عباس: يريد بالنصر (١) والمعنى: لا ينصرونكم، ثم أخبر عن حالهم (٢) عند الخوف، فقال: ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ﴾ قال مقاتل: يعني القتال (٣). ﴿رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾. قال ابن عباس: يريد نظر المغشي عليه من الموت، يريد كما تدور عين الذي في السياق (٤) هذا كلامه.
ولقوله: ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ (٥) تأويلان: أحدهما: أنهم يلوذون بك من الخوف فلا يرفعون بصرهم عنك، والثاني: أن معناه: بيان حالتهم عد الخوف، يقال: ينظرون إليك بالصفة التي ذكر تدور أعينهم، ليس معنى الدوران هاهنا الاضطراب والحركة؛ لأن عين الخائف لا توصف بذلك، وإنما توصف بالشخوص والحيرة، يؤكد هذا أنه شبه أعينهم بعين الذي يغشى عليه من الموت، وعينه تشخص فلا تطرف، ويقال للميت: دارت عينه ودارت حماليق عينه إذا شخص بصره فلم يطرف، وكذلك فعل الفزع الواجد ينظر إلى الشيء شاخص البصر لذهوله بالخوف.
قوله تعالى: ﴿كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ يعني: كعين الذي يغشى عليه من الموت، وهو الذي قرب من حالة الخوف وغشيته أسباب الموت، يقال: غشي عليه فهو مغشي عليه، وهو الغشية، وكذلك غشية الموت، والذي يغشي عليه من الموت هو الذي يذهل ويذهب عقله (٦).

(١) لم أجد من نسبه لابن عباس فيما لدى من مراجع.
(٢) في (أ): (حكيم)، وهو خطأ.
(٣) "تفسير مقاتل" ٩٠ أ.
(٤) "تفسير ابن عباس" ص ٣٥٢.
(٥) في (أ) زيادة: (إليك بالصفة التي ذكر تدور أعينهم)، وهو خطأ.
(٦) انظر: "اللسان" ٧/ ٤٥ (شخص)، "الصحاح" ٣/ ١٠٤٢ (شخص).


الصفحة التالية
Icon