كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا}، وهذا يدل على أن الكلام متصل.
قال الكلبي: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ رميًا بالحجارة (١). ولو كان ذلك القليل لله كان كثيرًا.
وقال مقاتل: يعني ما قاتلوا إلا رياء وسمعة من غير خشية (٢).
٢١ - ثم عاتب من تخلف بالمدينة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ قال المفسرون (٣): قدوة صالحة. يقال: فلان أسوتك في هذا الأمر أي: مثلك (٤)، وفلان يأتسي فلان (٥) أي: يرضى لنفسه ما رضي، ويقتدي به وكان في مثل حاله، والقوم أسوة في هذا الأمر أي: حالتهم (٦) فيه واحدة.
قال الليث: والتأسي في (٧) الأمور من الأسوة (٨). وفيها لغتان: أسوة وإسوة، ويقال: لي في فلان أسوة أي: لي به اقتداء، والأسوة من الاتساء كالقدوة من الاقتداء، اسم يوضع موضع المصدر.
قال ابن عباس: يريد يقتدون به حيث خرج بنفسه (٩).
ومعنى الآية على ما ذكره أهل التفسير: أن الله يقول: كان لكم رسول
(٢) "تفسير مقاتل" ٩٠ أ.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٩١ أ، "تفسير الطبري" ٢١/ ١٤٣.
(٤) في (أ) زيادة: (أي [حللتم فيه] مثلك)، وهو خطأ.
(٥) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: يأتسي بفلان.
(٦) في (ب): (حاللتم).
(٧) في (ب): (من).
(٨) "تهذيب اللغة" ١٣/ ١٤٠ (أسى).
(٩) لم أجد من نسب هذا القول لابن عباس.