أصابهم من الشدة والبلاء قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ وتصديقًا بوعد الله وتسليمًا لأمره (١). ومعنى التسليم هاهنا أن يسلم الأمر لمالكه من غير إعراض فيه، وهو أن يدعه له سالمًا لا يدعي لنفسه فيه شيئاً، ولعل هذا فيما سبق البيان فيه.
قال أبو إسحاق في هذه الآية: وصف الله تعالى حال المنافقين في حرب الكافرين وحال المؤمنين، وصف المنافقين بالفشل والجبن والروغان والمسارعة إلى الفتنة، ووصف المؤمنين بالثبوت عند الخوف (٢). والتصديق بما وعد الله ورسوله من النصر عند شدة الأمر، وذلك أنهم لما (٣) زلزلوا زلزالًا شديدًا أعلموا أن النصر وجب له (٤)؛ لأن الله كان قد أنزل عليهم في الآية التي وصف بها ما أصاب أصحاب الأنبياء قبلهم من الشدة قوله: ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤]. هذا معنى ما ذكره وبعض لفظه.
قال الفراء: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أصحابه بمسير الأحزاب إليهم فذلك قوله: ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا﴾ أي ما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانًا، قال: ولو كان ما زادوهم إلا إيمانًا يريد الأحزاب كان جائزًا كما قال في سورة أخرى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾ [التوبة: ٤٧] ولو كانت ما زادكم إلا خبالا كان (٥) صوابًا، يريد ما آذاكم خروجهم، وهذا من
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٢٢.
(٣) في (ب): (كما).
(٤) هكذا في جميع النسخ! ولعل الصواب: لهم.
(٥) في (ب): (لكان)، وهو خطأ.