كلام العرب: المثل ما زاد (١) وليس مقصورًا على مثلين فيكون ما قاله (٢) صوابًا، يقال: هذا ضعف هذا أي مثله، وهذا ضعفاه أي مثلاه وثلاثة أمثاله؛ لأن الضعف في الأصل ثلاثة (٣) غير محصورة، ألا ترى إلى قوله: ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ﴾ [سبأ: ٣٧] ولم يرد به مثلا ولا مثلين، ولكنه أراد بالضعف الأضعاف، وأولى الأشياء به أن يجعل عشرة أمثاله؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] فأقل الضعف محصور، وهو المثل وأكثره غير محصور وأما قوله تعالى: ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ فإذا سياق الآية التي بعدها دل على أن المراد من قوله ضعفين مثلين ألا تراه يقول بعد ذكر العذاب: ﴿نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾ فإذا جعل الله لأمهات المؤمنين من الأجر مثلي ما لغيرهن تفضيلًا لهن على سائر نساء الأمة، فكذلك إذا أتت إحداهن بفاحشة عذبت مثلي ما يعذب غيرها، ولا يجوز أن تعطى على الطاعة أجرين، وتعذب على المعصية ثلاثة أعذبة، وإذا قال الرجل لصاحبه: إن أعطيتني درهما كافأتك بضعفين فمعناه بدرهمين (٤)، ونحو هذا قال ابن قتيبة في الإنكار على أبي عبيدة (٥).
وقال أبو علي الفارسي: (معنى ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ زيد في عذابها ضعف كما زيد في ثوابها ضعف في قوله: ﴿نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾

(١) في "تهذيب اللغة": المثل إلى ما زاد، سقطت كلمة (إلى)، "تهذيب اللغة" ١/ ٤٨٠.
(٢) المقصود به أبو عبيدة، كذا قال الأزهري.
(٣) في "تهذيب اللغة" (زيادة) بدل ثلاثة.
(٤) "تهذيب اللغة" ١/ ٤٨٠ (ضعف)، مع اختلاف في العبارة واختصار.
(٥) "تفسير غريب القرآن" ص ٣٥٠.


الصفحة التالية
Icon