فدخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمرها بتقوى الله والسمع والطاعة لزيد فلما كلمها أعجبه حسنها وجمالها وظرفها لأمر أراده الله -عز وجل- وخرج من عندها وفي نفسه ما شاء الله منها، وجاء زيد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشكوها فقال له: "اتق الله وأمسك عليك زوجك". ويقول زيد: إني أريد أن أطلقها وأستريح منها، وأكره أن تكون معي في بيت مما ألقى منها من البلاء والشدة. ويقول النبي: "اتق الله لا تطلقها" وفي قلبه غير ذلك (١)، فأنزل الله تعالى قوله تعالى:
٣٧ - ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ أي: الهداية للإسلام.
﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بأن أعتقته من الرق قاله جميع المفسرين، قالوا: وكان زيد من سبي الجاهلية، فاشتراه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعكاظ في الجاهلية وأعتقه وتبناه (٢)، ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ في أمرها فلا تطلقها.
قال أبو إسحاق: (أمره بالتمسك بزينب وكان يحب أن يتزوجها، إلا أنه أمره بما يجب من الأمر بالمعروف، فقال: "أمسك عليك زوجك واتق الله" (٣). ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ﴾، وتستر وتضمر في قلبك من إرادة تزوجها، قاله الكلبي (٤): وقال قتادة: ود أنه طلقها (٥)، ﴿مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾، قال ابن عباس: مظهره لاْصحابك وغيرهم (٦).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٥٠ ب، "تفسير السمرقندي" ٣/ ٥٢، "الدر المنثور" ٦/ ٦١٦ وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٢٩.
(٤) انظر: "تفسير هود بن محكم" ٣/ ٣٧٠.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٥١، "زاد المسير" ٦/ ٣٨٨.
(٦) لم أقف عليه عن ابن عباس، وذكره هود بن محكم في "تفسيره" ٣/ ٣٧٠ ولم ينسبه.