روى مِقْسَمُ وسعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كلُّ تسبيح في القرآن فهو: صلاة. وقال مجاهد: كل سُبْحَةٍ في القرآن: صلاة (١).
قال المبرد: والعرب تقول: حتى أفرغ من سُبحتي؛ أي: من صلاتي. والتسبيح: اسم الصلاة، قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] أي: من المصلين.
قال صاحب النظم: فتكون سبحان الله على تأويل: سبحوا لله، فلما صُرف قوله: سبحوا إلى مصدره، نُصبَ ليُعلم أن معناه: الإغراء والأمر، كما قال -عز وجل-: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] أي: فاضربوا الرقاب. هذا كلامه. وروي أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس؛ فقال: أرأيتَ الصلواتِ الخمس تجدها في القرآن؟ قال: نعم؛ ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ﴾ المغرب ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ الغداة ﴿وَعَشِيًّا﴾ العصر ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ الظهر ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ [النور: ٥٨] (٢).
وروى أبو عياض عنه قال: جمعت هذه الآية مواقيت الصلاة؛ ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ﴾ المغرب والعشاء ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ الفجر ﴿وَعَشِيًّا﴾ العصر ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ الظهر (٣).
١٨ - قوله: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وهو ابتداء الآية الثانية
(٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ١٠٣، وابن جرير ٢١/ ٢٩، وفيه: ثم قرأ ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾. وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٤٥، كتاب التفسير، رقم (٣٥٤١)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٢٩، من طريق الحكم بن أبي عياض. وأخرجه من طريق آخر الثعلبي ٨/ ١٦٧ أ.