٤ - قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ قال مقاتل: لكي يجزي في الساعة الذين آمنوا (١). قال أبو إسحاق: (دخلت اللام جوابًا لقوله: ﴿بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾. ﴿لِيَجْزِيَ﴾ أي: للمجازاة، يعني: من أجل المجازاة) (٢).
٥ - ثم بين جزاء الفريقين فقال: ﴿أُولَئِكَ﴾ يعني الذين آمنوا إلى قوله: ﴿رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾. وقرئ: أليم، رفعا وخفضًا. قال أبو إسحاق: (الخفض نعت للرجز، والرفع نعت للعذاب) (٣).
قال أبو علي: (الرجز: العذاب؛ بدلالة قوله: ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾ [الأعراف: ١٣٤]، وقوله: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٥٩]. وإذا كان العذاب، جاز أن يوصف بأليم كما أن نفس العذاب قد جاز أن يوصف به، ومن رفع فهو على نعت قوله: ﴿عَذَابٌ﴾، ومثل هذا في أن الصفة تجري في المضاف، وعلى المضاف إليه أُجري قوله: ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ﴾ و (خُضر) فالرفع على أن يتبع الثياب، والجر على أن يتبع السندس، وإذا كان الثياب سندسًا، والسندس خضر، فالثياب كذلك، وتقدير قوله: ﴿عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ﴾ عذاب رجز، كما أن قوله: ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ معناه: ثياب من سندس. والجر في الأليم أبين؛ لأنه إذا كان عذاب من عذاب أليم كان العذاب الأول أليمًا، وإذا أجريت الأليم على العذاب كان المعنى عذاب، فالأول أكثر فائدة) (٤).

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٧ أ.
(٢) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٤٠
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٤١
(٤) "الحجة" ٦/ ٦.


الصفحة التالية
Icon