موضح إذا نصبًا بمزقتم) (١) وهو عندي ممتنع لما ذكرت لك. ومثل هذا عندي قوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ (٢) الآية، وقد تقدم الكلام فيها.
٨ - قوله تعالى: ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ هذا أيضًا من قول الكفار بعضهم لبعض، قالوا: افترى محمد على الله كذبًا حين زعم أنا نبعث بعد الموت، والألف في ﴿أَفْتَرَى﴾ ألف الاستفهاء، وهو استفهام تعجب وإنكار ﴿أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ يقولون: أزعم كذبًا أم به جنون، فرد الله عليهم فقال: ﴿بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: ليس الأمر على ما قالوا من الافتراء والجنون، هم لأجل ما قالوا ﴿فِي الْعَذَابِ﴾ في الآخرة، ﴿وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ﴾ من الحق في الدنيا. وهذا الذي ذكرنا قول ابن عباس ومقاتل والكلبي (٣).
٩ - وفي هذه الآية وعظهم وخوفهم ليعتبروا فقال: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ قال مقاتل: وذلك أن الإنسان حيث ما نظر رأى السماء والأرض، إن نظر قدامه وإن نظر خلفه (٤).

= انظر: "إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين" ص ٧٥، "سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٢٢٨، "الأعلام" ٢/ ١٢١.
(١) "المسائل البغداديات" ص ٢١٣/ ٢١٨.
(٢) سورة المؤمنون: ١٠١.
(٣) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٤٢٩، انظر: "تفسير مقاتل" ٩٧ أ. والقول غير منسوب لأحد عند: "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٣٤، "بحر العلوم" ٣/ ٦٧، "مجمع البيان" ٨/ ٥٩٣.
(٤) لم أقف عليه عن مقاتل. وقد ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٦/ ٤٣٥، ولم ينسبه.


الصفحة التالية
Icon