وكسر الباء، أي: علم من حال الجن أنهم لا يعلمون الغيب. وأن على (١) قراءة العامة في محل الرفع على البدل من الجن، هذا وجه قراءة العامة. ويجوز فيه وجه آخر، وهو أن الجن كانت تتوهم أنها تعلم الغيب، فلما ابتلوا بموت سليمان ولم يقفوا عليه حتى دلتهم الأرضة، علمت أنها لا تعلم الغيب. وعلى هذا الوجه أن في موضع نصب وتبينت بمعنى علمت. وعلى الوجه الأول معناه: ظهرت وانكشفت (٢). وذكر ابن قتيبة الوجهين معًا (٣).
قال أبو إسحاق: (المعنى أنهم لو كانوا يعلمون ما غاب عنهم، ما عملوا مسخرين لسليمان وهو ميت، وهم يظنون أنه حي يقف على عملهم) (٤).
قال مقاتل: العذاب المهين: الشقاء والنصب في العمل (٥).
١٥ - قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ ذكر الكلام والقراءة في سبأ في سورة النمل (٦). وذكر المفسرون هاهنا ما روي عن فروة بن مسيك (٧) أن رجلاً
(٢) "مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٢٠٦، "البحر المحيط" ٨/ ٥٣٢، "التبيان" ٢/ ٢٧٧.
(٣) "تفسير غريب القرآن" ص ٣٥٥.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٤٧.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٧ أ.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ آية: ٢٢. قال: قرئ من سبأ بالإجراء والتنوين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو غير مجرى. قال الفراء: من أجراه فلأنه فيما ذكروا رجل.
(٧) هو: فروة بن مسيك، وقيل: مسيكة بن الحرث بن سلمة المرادي القطيعي، أبو عمر، له صحبة، وقد على النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة عشر من الهجرة، فأسلم، فبعثه على =