مصدرًا وحذف المضاف، والتقدير: في مواضع سكناهم (١)، فلما جعل المسكن كالسكنى أفرد كما يفرد المصادر، وهذا أشبه من أن يحمله على نحو: كلوا في بعض بطنكم، وجلد الجواميس، وعلى هذا قوله: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر: ٥٥] أي: مواضع قعود، ألا ترى أن لكل واحد من المتقين موضع قعود، وهذا التأويل أشبه من أن يحمله على الآخر الذي لا يكاد يجيء إلا في شعر، وأما كسر الكاف؛ فاسم المكان والمصدر من هذا الجنس الذي هو فعل يفعل مفتوحًا، مثل: المحشر ونحوه، وقد يشذ عن القياس المطرد، هكذا وكالمسجد، وسيبويه يحملها على أنه اسم البيت وليس المكان، من فعل يفعل، وكذلك المطلع، والقياس: الفتح) (٢).
وقال أبو الحسن: المسكن بكسر الكاف لغة فاشية، وهي لغة الناس اليوم، والفتح لغة أهل الحجاز، وهي اليوم قليلة (٣).
وقال الفراء: هي لغة يمانية فصيحة (٤).
قال المفسرون: وكانت مساكنهم بمأرب من اليمن (٥). يدل عليه قول النابغة:
من سبأَ الحاضرينَ مأربَ إذْ | يبنونَ من دونِ سيلهِ العَرِما (٦) |
(٢) "الحجة" ٦/ ١٢ - ١٤.
(٣) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٦٠٣، "البحر المحيط" ٨/ ٥٣٣.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٣٥٧.
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٣٨.
(٦) البيت من المنسرح، وهو للنابغة الجعدي في "ديوانه" ص ١٣٤، "الكتاب" ٣/ ٢٥٣، "جمهرة اللغة" ص ٧٧٣، "سمط الآلئ" ص ١٨، "اللسان" ١/ ٣٩٦ مادة: (عرم).