وقال مجاهد: وهل يجازى: يعاقب (١). وهذا معنى وليس بتفسير. وبيانه ما ذكر ابن عباس في رواية عطاء قال: يريد لا أجازي بالعقاب إلا من كفر ربوبيتي وجحد نعمتي. فأضمر العقاب والمجازاة (٢). (وأدغم الكسائي لام هل في نون نجازي، وهو جائز، حكاه سيبويه، قال سيبويه: البيان أحسن؛ لأنه قد امتنع أن يدغم في النون شيء سوى اللام، فكأنهم يستوحشون من الإدغام فيها) (٣).
١٨ - قوله: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ قال أبو إسحاق: هذا عطف على قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ (٤) الآية. يعني: وكان من قصتهم أنا ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ أي: بين سبأ ﴿وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾. قال المفسرون: قرى الشام والأرض المقدسة: الأردن وفلسطين (٥). قال مقاتل: باركنا فيها بالشجر والماء (٦). قوله: ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ قال أبو إسحاق: (كان بين سبأ والشام قرى متصلة بعضها ببعض، يبيتون بقرية ويقيلون بقرية، لا يحلون عقدة حتى يرجعوا إلى أهليهم (٧) [ساعون من حيث نزلوا ما يأكلون] (٨) لا
(٢) لم أقف عليه.
(٣) "الحجة" ٦/ ١٨.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٥٠.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ٨٣، "تفسير هود بن محكم" ٣/ ٣٩٥، "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٤٤، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٨٩.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٨ / ب.
(٧) في (ب): "أهلهم".
(٨) ما بين المعقوفين يظهر -والله أعلم- أنه كلام زائد من النساخ؛ إذ لا معنى له.