﴿آمِنِينَ﴾ من الجوع والعطش والسباع والتعب، ومن كل خوف. قال ابن عباس ومقاتل (١).
١٩ - قال المفسرون: ثم إنهم سئموا الراحة وبطروا النعمة، وكرهوا ما كانوا فيه من الخصب (٢) والسعة في كفاية القدح في المعيشة كقوم موسى حين قالوا: ﴿فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ إلى قوله: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٦١] وهؤلاء من جملة من دخل في قوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ [القصص: ٥٨] فلم يشكروا ربهم، وسألوا أن تكون القرى والمنازل بعضها أبعد من بعض ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ أي: اجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز؛ لنركب إليها الرواحل ونتزود الأزواد. وقرئ: ﴿بَعَّد﴾، وهو مما فيه وفعل بمعنى واحد كقولك: ضاعِف وضعِّف، وكذلك خلافه (٣) قارب وقرب. ومعنى قراءة من قرأ على الخبر: ﴿رَبَّنَا بَاعِدْ﴾، أنهم استبعدوا سفرهم على قرية بطرا وأشرا، وقراءة العامة معناها الدعاء وسؤال الله أن يبعد بين أسفارهم (٤).
وقوله ﴿وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ قال ابن عباس: بكفرهم وتكذيبهم أنبيائهم (٥).
﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾ يريد لعن بعدهم، يتحدثون بأمرهم وشأنهم.
﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ مزقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق،

(١) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٦٠، "تفسير مقاتل" ٩٨ ب.
(٢) في (ب): (الحطب)، وهو خطأ.
(٣) في (ب): (خلاف).
(٤) "الحجة" ٦/ ١٩.
(٥) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٦٠.


الصفحة التالية
Icon