الله أعلمهم أن الملائكة الذين يعبدونهم بهذه الحال من الخوف والفزع، كيف يعبدون من هو بهذه الصفة. أفلا يعبدون من تخافه الملائكة؟!
ومذهب مجاهد والحسن وابن زيد في هذه الآية: أن الكناية في قوله: ﴿عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ للمشركين، يقول: حتى إذا كشف الفزع عن قلوبهم في الآخرة إقامة الحجة عليهم، قالت الملائكة لهم: ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ في الدنيا ﴿قَالُوا الْحَقَّ﴾ فأقروا حين لا ينفعهم (١). وعلى هذا القول أيضًا وجه النظم ما ذكر.
وقوله: ﴿الْحَقَّ﴾ قال الزجاج وأبو علي: التقدير: قالوا: قال الحق (٢). ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾، قال مقاتل: يعني الرفيع الذي فوق خلقه، الكبير العظيم فلا شيء أعظم منه (٣).
٢٤ - قوله: ﴿قُلْ﴾ أي: لكفار مكة. ﴿مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ تقدم تفسيره في سورة يونس (٤). وهذا احتجاج عليهم بأن الله الذي يرزق هو المستحق للعبادة لا غيره مما لا يرزق، وأخبر عنهم في سورة يونس أنهم يعتقدون بأن الرزاق هو الله، وهو قوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾. وهاهنا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يقول: الرزاق هو الله، هو قوله: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ والمعنى: استفهم عن الرزاق، ثم أخبر أني أنا الرزاق، وذلك أنه إذا استفهم لم يمكنهم أن يثبتوا رازقًا غير الله، فثبت الحجة عليهم بقوله -صلى الله عليه وسلم-،
(٢) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٥٣
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٩ أ.
(٤) آية ٣١.