إنا لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين (١). وهو معنى قول مقاتل: نحن وأنتم أمر واحد أن أحد الفريقين لعلى هدى، يعني: النبي نفسه وأصحابه، وإنكم لفي ضلال مبين، يعني: كفار مكة (٢). وعلى هذا القول يجب أن يكون أو في، قوله: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ﴾ وقوله: ﴿أَوْ فِي ضَلَالٍ﴾ يعني واو النسق، وهو مذهب المفسرين. قال الفراء: (معنى " أو" معنى الواو عند المفسرين، والعربية على غير ذلك، لا تكون "أو" بمنزلة الواو كما تقول: خذ درهمًا أو اثنين، فله (٣) أن يأخذ واحداً أو اثنين، وليس له أن يأخذ الثلاثة، وفي قول من لا يبصر العربية ويجعل "أو" بمنزلة الواو يجوز له أن يأخذ الثلاثة؛ لأنه في قولهم بمنزلة: خذ درهمًا واثنين.
والمعنى في ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ﴾: إنا لضالون أو مهتدون، وهو تعالى يعلم أن رسوله المهتدي وأن غيره الضال، وأنت تقول في الكلام للرجل: والله إن أحدنا لكاذب، نكذبته كذبًا غير مكشوف، وهو في القرآن وكلام العرب كثير أن يوجه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف، كقولك لمن قال فلان وهو كاذب في ذلك قل: إن شاء الله، أو قل: فيما أظن، فتكذبه بأحسن من صريح التكذيب) (٤). ونحو هذا قال الكسائي والأخفش والمبرد، قالوا: ليس معنى أو هاهنا الشك، وقد يتكلم بمثل هذا من لا يشك، كقول القائل: أنا اختار كذا ويختار ابن (٥) كذا وأحدنا مخطئ،

(١) "مجاز القرآن" ٢/ ١٤٨.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٩ ب.
(٣) في (ب): (قيله).
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٣٦٢.
(٥) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: فلان.


الصفحة التالية
Icon