فهذا لا يريد إلا الكثرة؛ لأن ما عداها لا يكون موضع افتخار (١).
٣٩ - قوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾، وروى أبو عبد عن اليزيدي: أخلف الله لك (٢). وروى سلمة عن الفراء قال: سمعت: أخلف الله عليك، ويقال: أخلف الله لك، أي: أبدل الله لك ما ذهب (٣). ويقال: قد أخلف الشجر إخلافًا، وذلك إذا أخرج ورقًا بعد ورق قد تناثر، والآية مختصرة، لأن المعنى فهو يخلفه لكم أو عليكم. قال سعيد بن جبير: وما أنفقتم من شيء في غير الإسراف ولا تقتير فهو يخلفه (٤).
وقال الكلبي: ما تصدقتم وانفقتم في الخير والبر من نفقة فهو يخلفه، إما أن يعجله في الدنيا وإما أن يدخره له في الآخرة. وروى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل معروف صدقه وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفه ضامنًا إلا ما كان من نفقة في [بنيان] (٥) أو معصية" (٦). وقد
والغر: الأبيض، جمع غراء، يريد بياض الشحم، يقول: جفاننا معدة للضيفان ومساكين الحي بالغداة، وسيوفنا تقطر بالدم لنجدتنا وكثرة حروبنا.
والشاهد فيه: جمع جفنة على جفنات مع أنها للقلة مرادًا بها جمع الكثرة. "الكتاب" ٣/ ٥٧٨.
(١) إلى هنا انتهى النقل من الحجة من قوله: وقرأ حمزة. "الحجة" ٦/ ٢٢.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ٤٠٣ (خلف).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ٣٩٦ مادة: (خلف).
(٤) انظر: "الطبري" ٢٢/ ١٠١، وأورده السيوطي في "الدر" ٦/ ٧٠٦ وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد ابن حميد، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٦/ ٤٦١.
(٥) انظر: "زاد المسير" ٦/ ٤٦١.
(٦) ما بين المعقوفين غير واضح في جميع النسخ، والتصحيح من الدر ومجمع البيان.