المكان الذي تقبل فيه الأعمال.
٥٣ - ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: بمحمد، يقول: كيف ينفعهم الإيمان (١) وقد كفروا به في الدنيا. ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ أي: بالظن أن التوبة تنفعهم ﴿مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ أي: بعيد من موضع يقبل فيه التوبة. ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ﴾ الأمم الخالية) (٢).
وهذا الذي ذكره ابن قتيبة في قوله: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ غير ما قدمناه، قال: (وكان بعض المفسرين يحمل الفزع عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، وتعبيره بقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [غافر: ٨٤] إلى آخر السورة) (٣). وهذا مذهب مقاتل، قال: هذا عند نزول العذاب بهم في الدنيا (٤).
وقال الضحاك وزيد بن أسلم: هذا الفزع وما ذكر كله هو يوم بدر، إذ نزل بهم العذاب وشدة الموت قالوا: آمنا به، ولم ينفعهم ذلك (٥).
٥٤ - وقوله: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ قال ابن عباس: يعني الرجعة إلى الدنيا (٦).
وقال الحسن: يعني الإيمان. وهو قول سفيان (٧).
(٢) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٣٠ - ٣٣١.
(٣) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٣١.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٠١/ ب
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ١٠٧، "القرطبي" ١٤/ ٣١٤، "زاد المسير" ٦/ ٤٦٧.
(٦) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٤٣٤، "الوسيط" ٣/ ٤٩٩، "زاد المسير" ٦/ ٤٧٠.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ١١٢، "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٦٠، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٤٣١.